دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال خطابه الأخير الذي وجهه للعالم العربي الحكام في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى استغلال مواهب شعوبهم.
وهذه الإشارة الذكية من الرئيس الأميركي لم تكن عبثا بل تعكس حقيقة مرة وهي التهميش الشديد الذي تواجهه الشعوب العربية من طرف حكامها.
لكن هذا التهميش لا يجب أن يظل قدرا لا فكاك منه خصوصا مع تصاعد الحركات الإحتجاجية في ربوع العالم العربي التي تطالب بالتغيير والحصول على الحقوق الفردية المشروعة كما تنص عليها المواثيق الدولية.
ويمكن للحكومات العربية أن تستغل مواهب شعوبها وتفك الحصار الظالم المفروض عليها من خلال الاستجابة لمطالب الشعوب المشروعة وذلك عن طريق توفير فرص متكافئة للشباب من أجل الولوج إلى تعليم عمومي ذو مستوى جيد يُمكـّنهم في نهاية المطاف من تأمين وظيفة محترمة سواء في القطاع العام أو الخاص.
ولايمكن تحقيق هذا الأمر إلا بتحسين جودة التعليم العمومي في الدول المغاربية وتطوير المناهج التعليمية بما يتماشى وسوق الشغل عوض تخريج آلاف الأطر سنويا التي تحمل شهادات عليا في تخصصات دينية أو أدبية لا تتماشى مع متطلبات سوق الشغل في بلدانهم.
كما يجب على الحكومات المغاربية أن تتخذ إجراءات جذرية للقضاء على المحسوبية واستشراء الفساد الذي يحرم الملايين من أبناء الشعب الفقراء من الحصول على وظيفة رغم امتلاكهم أحيانا المؤهلات المناسبة، وذلك لأن شخصا آخر دفع رشوة من أجل الحصول على تلك الوظيفة نفسها أو لأنه قريب لأحد من المسؤولين في الدولة أو الأثرياء الذين يتمتعون بنفوذ في البلاد.
فدون القضاء على الفساد في دواليب الدولة والمؤسسات الخاصة لا يمكن إتاحة الفرصة لأولاد الفقراء المتعلمين من الحصول على وظائف تتماشى مع مؤهلاتهم العلمية والارتقاء بالتالي اقتصاديا واجتماعيا وخلق طبقة وسطى تكون كفيلة بنقل البلاد من مجتمع الطبقتين: الغنية والمعدمة، إلى مجتمع الثلاث طبقات: غنية، متوسطة وفقيرة.
إن استغلال مواهب الشعوب يكون عن طريق توفير الحقوق الأساسية التي جاءت في المواثيق الدولية الخاصة بالحقوق الكونية للإنسان وعلى رأسها الحق في التعليم والحق في العمل.
كما يجب تغيير القوانين التي تنظم العمل السياسي في هذه البلدان والتي تحرم الشباب والمرأة من الولوج لمناصب القرار السياسي الذي تحتكرها عائلات بعينها منذ عقود.
فإتاحة الفرصة أمام الشباب والمرأة من أجل المشاركة في صنع القرار السياسي وتقلد المناصب السياسية العليا سيتيح لأهم شريحيتين في المجتمعات المغاربية الفرصة لإسماع صوتها والمساهمة في بناء أنظمة ديمقراطية تقطع مع عهود الاستبداد الطويلة التي عاشت تحتها شعوب هذه المنطقة من العالم.
هذه الشعوب التي تملك جميع المقومات كي تصبح مثالا ديمقراطيا يحتذى بين الدول العربية في الشرق الأوسط لم تم استغلال مواهبها بالشكل الصحيح.
تاريخ التسجيل
الجمعة مايو 27, 2011 12:56 am