يدرك الرئيس أوباما، تماما مثل الحكومات المحلية، حجم المواهب في المنطقة المغاربية، والتي تتجلى في عاملين اثنين، وهما التدفق الهائل للخريجين الشباب المهاجرين إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، وعدد الخريجين العاطلين عن العمل المتظاهرين في الاحتجاجات الأخيرة.
من الجدير بالذكر أن مهارة التونسيين في استعمال أجهزة الكمبيوتر والانترنت هي التي مكنتهم من تنظيم الحركة الجماعية التي نجحت في إطاحة النظام الحاكم في نهاية المطاف.
لا يستغل القادة المغاربيون معارف وطموح شباب المنطقة، لا لأنهم يجهلون وجودها، وإنما لكون أنظمتهم السياسية معادية بطبيعتها لمبادرات المواطنين.
أولا، الأنظمة المغاربية فاسدة، فجميع المشاريع الاقتصادية تتعرض للابتزاز في مرحلة ما من قبل المقربين من السلطات التي تسير المؤسسات المسؤولة عن تنفيذ المشاريع الاستثمارية.
وفي بعض الأحيان، لا يكتفي المقربون من النظام بابتزاز المال من المستثمرين المحتملين، بل يفرضون عليهم أيضا شراكات، مما يؤدي إلى خلق نظام ابتزاز دائم وإلى إحباط المبادرة.
ثانيا، عندما يسخر المال العام لمنح قروض للشباب على شكل مساعدات على الاستثمار، فإن أول المستفيدين هم أولئك الذين لديهم علاقات مع السلطات المكلفة بالموافقة على المشاريع وتمويلها.
الموهبة ليست مهمة، بل العلاقات مع الأنظمة الحاكمة هي الأهم. ولهذا السبب، فالأموال العامة تمول المشاريع التي تحظى بالدعم السياسي دون توفرها بالضرورة على تصميم ذكي.
ثالثا، الأمر الاحترازي الإداري أو السياسي أكثر حسما من القواعد التي يفرضها القانون. لذلك، ففي ظل غياب سيادة القانون، تهيمن البيروقراطية على القرارات الاقتصادية.
يزداد البيروقراطيون غنى بالتدخل في عالم الأعمال، وبما أن الأنظمة الحاكمة مهتمة بإثراء أسرها ومقربيها أكثر من اهتمامها بتنمية الاقتصاد، فهي لا تسعى إلى تعزيز روح المبادرة.
تعارض الأنظمة الحاكمة الحرية الاقتصادية بغرض الحفاظ على سلطتها على الدوائر المالية، وكذا سلطاتها الاقتصادية، خاصة فيما يخص صنع القرار بشأن الاستثمار، والتمويل، والاستيراد، ومنح الأراضي الصناعية.
وباختصار، فإن الأنظمة المغاربية بطبيعتها تعارض روح المبادرة، وتشجع التوزيع السياسي للريع (الضرائب، والموارد الطبيعية، وعائدات الفساد).
لذلك، فنحن بحاجة إلى تغيير نمط الحكم من أجل إطلاق العنان للمواهب المغاربية.