وفيما تصاعدت حدة عنف ردة فعل النظام على متظاهري بنغازي، تحوّلت حركة المحتجين العفوية إلى ثورة بكافة المقاييس.
في الجزء الثاني من سلسلة مقابلات أجريت في جزأين ، وصف المتظاهرون كيف حشدوا المؤيدين خلال الأيام الأولى من الانتفاضة وشجعوهم على الانعتاق من عقود الخوف والقمع.
الدكتور عبد السلام عبد الرحمن شماطة: انتهت ليلة 15 فبراير من دون أن نخطط للقيام بثورة، إنما ولدت هذه الثورة من رحم معاناة شعب بأكمله سُلبت حقوقه طوال 42 سنة. لدى عودتنا إلى بيوتنا توقعنا أن يبيت الخبر مجرد خبر علينا نحن كليبيين معتصمين في مدينة بنغازي. ولكن الصدمة القوية حدثت لنا عندما شاهدنا في التلفاز الليبي مسيرة بميدان الشجرة يهتفون للقذافي. استغربنا لهذه المسيرة وأصبنا بخيبة الأمل ولكن لم نصب باليأس، فنحن أصحاب قضية. لم نستطع النوم ليلاً.
وجاء اليوم الثاني، انتظرنا قدوم الأمن الداخلي لما قمنا به. ونهض الشباب صباحاً، في انتظار ردة فعل الناس على ما قمنا به. هناك أناس سلبيون ولكن ليسوا ضدنا. وهذه نتيجة لتغلب الخوف عليهم الذي زرعه هذا النظام منذ 42 سنة مضت. وأصبحنا نقوم بتوعية الناس بأن كل ما قمنا به صحيح وليس خاطئ ونحن أصحاب قضية.
طالبنا بالحرية، الكرامة والعدالة الاجتماعية. طالبنا بكامل حقوقنا نحن كليبيين وخاصة أن دم الشهداء غال. ولا بد من سقوط هذا النظام ومحاكمة القذافي لسفكه الدماء واقتراف جرائم عالمية منها أطفال الإيدز وسرقة أموال الشعب الليبي. البترول ملكي أنا وأبنائي كما يقول لنا دائماً في خطاباته. تفكيره تفكير طاغية دكتاتور مُصاب بجنون العظمة، هو ليس طبيعيا؛ هو يكذب ويصدق أكاذيبه.
لاحظت تجمع الشباب أمام كل شارع على تمام الساعة 9 مساءً. في بداية الأمر شككت فيهم، اعتقدت أنهم من قوات الأمن الداخلي. ثم بدأنا في التظاهر من جديد يوم 16 فبراير في شارع العقيب تضامناً مع شباب المدينة وقلوب الجميع معنا، رغم أنه في السابق كان تفكيرنا في الأكل والملبس والمسكن فقط. لقد ألغى هذا الطاغية كل طموحاتنا، لأننا كنا نخاف من نظامه الظالم.
صالح: إنه مدمر البنية التحتية والصحة، والكل يعالج في تونس والخارج. الناس المتعلمون كان لهم دور في توعية الناس أثناء المظاهرة وحاولوا أن يشرحوا لهم عدم المساس بالممتلكات العامة والتخريب وكل ما تعلمناه من الثورتين التونسية والمصرية حاولنا تقديمه بشكل أفضل في ثورتنا لأننا كنا نعاني من فراغ سياسي؛ لا حوار ولا نقاش سياسي لأنه ممنوع. وكل من يحاول أن يفكر سياسياً يتم القبض عليه.
عبد المنعم القداري (تاجر): خرجنا لمظاهرة الانتفاضة لأجل وضع البلاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي نحن في دولة غنية وتفتقر إلى جميع المقومات من بنية تحتية وبنية أخلاقية أو غيرها.
هشام زوبي (مهندس): هذه تراكمات 42 سنة التي خلقت الثورة لتعديل الحياة الإنسانية. والشباب مهمش لا يوجد لديه أحلام فهو يفكر في الزواج والسيارة والمسكن ولا يتحصل عليها بسهولة إلا بعد الثلاثين من عمره، قدومنا للمظاهرة كان صدفة وبسبب القهر، وكتعبير عن تعاطفنا مع المحامي والناشط الحقوقي فتحي تربل.
متعلقات
الثوار الليبيون يكشفون عن أسرار ثورتهم
2011-04-28
الشرطة الموريتانية تقمع احتجاجا للشباب
2011-04-26
استمرار الهجرة الجماعية من ليبيا
2011-04-15
نكسة للثوار في ليبيا
2011-03-30
زعيم القاعدة بالمغرب الإسلامي يستغل الاضطرابات في تونس والجزائر
2011-01-13
ثم تعالى سقف مطالبنا قليلاً للمناداة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. انتقلنا من قضية فتحي تربل إلى قضية الشعب.
الدكتور شماطة: ازداد عدد المتظاهرين أكثر فأكثر مع تربص الأمن وضربهم لنا. وكانوا يفوقوننا في العدد، وكان معهم مدنيون لم تُعرف هويتهم إن كانوا من اللجان ثورية أم مرتزقة بلطجية. تكاثفت الجهود في عدة شوارع في شارع جمال عبد الناصر وشارع 20. وعندما وصلنا إلى ميدان الشجرة وجدنا المرتزقة ذوي القبعات الصفر. وكان عددهم يزيد عن 300 شخص ومعهم أسلحة بيضاء وهراوات. كانت هناك لجان ثورية. وقع قتلى في اليوم الثاني وعدد من الجرحى حتى يوم 17 فبراير. وحملناهم من محكمة الشمال وذهبنا تلقائياً بالجنازة إلى الكتيبة وسط هتافات بسقوط النظام. ثم أُطلق علينا رصاص حارق خارق. وسقط عدد من القتلى في هذه الجنازة.
ولكن عندما سقطت كتيبة الفضيل بوعمر على أيدي الكثير من الشجعان، حصلنا على الأسلحة رغم الحافلات التي تجمعت أمام ساحة الكيش تهتف للقذافي.
إلا أن صوت الحق كان أقوى. وجاء يوم الخميس 17 فبراير، كان يومنا المنتظر.
تاريخ التسجيل
الخميس مايو 26, 2011 2:49 am